وزارة التعليم العالي في مأزق : حرمان التقنيين المتخصصين من استكمال دراستهم في سلك الهندسة حتى في المعاهد العليا الخاصة
أشرف ليمام
تواجه وزارة التعليم العالي معضلة جديدة تضاف إلى سلسلة التحديات التي تعصف بها.
فبعد الجدل الذي أثارته قضية طلبة الطب، ها هي الوزارة تجد نفسها في مواجهة إشكالية أخرى : منع التقنيين المتخصصين من مواصلة مشوارهم الدراسي في مجال الهندسة حتى في المعاهد و المدارس العليا الخاصة .
يشكل التقنيون المتخصصون عنصرًا حيويًا في المشهد التعليمي والمهني بالمغرب. فبعد سنوات من التكوين المكثف، يكتسب هؤلاء مهارات نظرية وعملية تؤهلهم للعمل أو متابعة الدراسة. لكن، يبدو أن العراقيل الإدارية والقانونية تحول دون انتقالهم السلس إلى ميدان الهندسة، رغم جاهزيتهم لهذه الخطوة.
يعبر العديد من هؤلاء التقنيين عن استيائهم من الشروط التعجيزية المفروضة عليهم للالتحاق بمعاهد الهندسة. فبين إعادة دراسة سنة الثانية أو إعادة اجتياز امتحان البكالوريا مجددًا رغم توفره و بشعبة علمية ، تبدو الخيارات محدودة ومحبطة. ويزداد الأمر تعقيدًا في ظل غياب تنسيق فعال بين المؤسسات التعليمية المعنية.
وبالنظر إلى الممارسات الدولية، نجد أن العديد من الدول توفر مسارات مرنة تسمح للتقنيين بالتدرج في سلم التعليم الهندسي بسلاسة. وهو ما يجعل الوضع في المغرب مثيرًا للتساؤل، إذ يحرم البلاد من كفاءات يمكنها المساهمة في تطوير قطاعات حيوية.
لهذا الإقصاء تبعات اقتصادية واجتماعية جسيمة. فهو يحد من فرص التقنيين في تحسين أوضاعهم، ويحرم سوق العمل من كفاءات متكاملة تجمع بين الخبرة التقنية والمعرفة الهندسية. كما أنه يخلق حالة من الإحباط قد تدفع بالبعض للبحث عن آفاق خارج الوطن.
حتى الآن، لم تقدم الوزارة حلولًا ملموسة لهذه المعضلة، رغم تزايد المطالب بإصلاحات جذرية. ومن المتوقع أن تتصاعد الضغوط على الوزارة لإيجاد مخرج يراعي متطلبات العصر ويضمن تكافؤ الفرص.
يقترح الخبراء إنشاء نظام جسور بين المعاهد التقنية والهندسية الخاصة و العامة ، يسمح للتقنيين بمواصلة دراستهم وفق شروط معقولة تراعي خبراتهم السابقة.
في خضم هذه التحديات، يبرز ملف التقنيين المتخصصين كاختبار جديد لقدرة وزارة التعليم العالي على التكيف والابتكار. فمعالجة هذه القضية لا تقتصر على إنصاف فئة معينة، بل تمتد لتشمل تعزيز التنمية الاقتصادية والبشرية للمغرب ككل. لذا، يتعين على الوزارة التحرك سريعًا لوضع استراتيجية شاملة تضمن العدالة التعليمية وتفتح آفاقًا جديدة أمام الكفاءات الوطنية.
