الذكريات الحلوة… أقوى!

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

شبح من بعيد

ولم يمض في تأمللته طويلا..فقد شد بصره فجأة ظهور شبح من بعيد..كان وحده في رقدته مع البحر والظلام ونجوم السماء..فلم يكن يظهر من القمر في تلك الليلة سوى هلال صغير.. ولم يستطع أن يتبين صورة هذا الشبح..هل هو لرجل أم لإمرأة..وشعر بشئ ما يربط بينهما على هذا البعد.

وقام ينفض الرمال عن ملابسه..ثم وقف برهة يسأل نفسه:”ترى من يكون ،ولماذا جاء إلى هذا المكان في هذه الساعة؟”

وسخر من تساؤله..ألم يأت هو نفسه إلى هذا المكان الهادئ، هاربا من الزحام والناس ومشاكل الحياة؟ الفرق الوحيد بينهما أنه يعرف لماذا جاء هو ..ولكنه لا يعرف لماذا جاء هذا الغريب ؟

وصمم على الذهاب إليه، وربما بدافع الفضول، وربما لأنه أحس في هذه اللحظة بالذات برغبة شديدة في أن يتحدث لأحد..أي أحد، فقد إنقضى عليه مع أفكاره وتأملاته مع الحياة و صورها أكثر من أربع ساعات كاملة، منذ أن ترك بيته وزوجته وأطفاله وخرج إلى الشارع ثائرا غاضبا..

نحيب ودموع

وفي خطوات بطيئة متثاقلة راح يمشي صوب هذا الشبح الذي إتخذ لنفسه مكانا فوق المقعد الكبير الذي يشرف على البحر ..وكان كلما إقتربت المسافة التي تفصله عنه، أحس برغبة في العودة إلى مكانه حيث كان يجلس في وحدته..وفجأة وجد نفسه يقف تماما ويكف عن السير ..فقد سمع شيئا جعله يتردد في إتمام رحلته..سمع صوت نحيب ضعيف قادم من الإتجاه الذي يسير إليه..ثم مالبث أن رأى هذا الغريب يخرج منديلا ..لقد بدا واضحا له في الظلام أن صاحبه يبكي ..وأنه يجفف دموعه بمنديله الأبيض ولعله الشئ الوحيد الي إستطاع أن يتبينه وسط هذا الظلام الذي كان يلف المكان كله من حوله..

إذن هو أيضا يتألم ..هو أيضا يعاني مثله..ثم فارقه تردده..ووجد نفسه بالرغم منه ، يعود إلى مسيرته، وفي خطى سريعة هذه المرة ..وقد إستبدت به رغبة شديدة في أن يمد إلى هذا الغريب يده..وأن يساعده ويحاول أن يخفف عنه هذا الألم الذي أبكاه والذي دمعت له عيناه ..من يدري فقد يجد عنده هو أيضا شيئا ما يخفف عنه متاعبه!

ص3.                      يتبع

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.