المغرب ومنصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي للجزائر…قراءة دبلوماسية هادئة

دواي طارق

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في الوقت الذي احتفت فيه الجزائر بشكل واسع بفوزها بمنصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي، تعامل المغرب مع هذه النتيجة بهدوء دبلوماسي، انطلاقًا من إدراكه لطبيعة التوازنات داخل المنظمة القارية.

فبالنسبة للرباط، لا يُعتبر هذا المنصب بحد ذاته تغييرًا جوهريًا في موازين القوى داخل الاتحاد، بل هو جزء من لعبة دبلوماسية مستمرة بين البلدين.
المنصب بين الأهمية الشكلية والتأثير الفعلي، فيدرك المغرب أن منصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي هو في الأساس دور إداري ينسق أعمال المنظمة دون أن يمنح صاحبه سلطة تقريرية واسعة. وبالتالي، لا يرى الرباط أن هذا المنصب يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالحه، خاصة وأن القرارات المهمة داخل الاتحاد تُتخذ بتوافق أعضائه، وليس بناءً على مواقع فردية.

قراءة هادئة للمشهد الدبلوماسي… على عكس الجزائر، التي اعتبرت الفوز بهذا المنصب انتصارًا دبلوماسيًا على المغرب، يرى الأخير أن المعركة الحقيقية ليست في المناصب بل في بناء تحالفات استراتيجية طويلة الأمد داخل القارة. فالمغرب يعتمد على دبلوماسية فاعلة تستند إلى الشراكات الاقتصادية والاستثمارات الكبرى، مثل مشروع أنبوب الغاز مع نيجيريا، والمبادرات التنموية في مجالات الزراعة والبنية التحتية والطاقة المتجددة، وهي عوامل تمنحه تأثيرًا عمليًا أقوى من مجرد منصب داخل الاتحاد.

الاستراتيجية الأعمق خلال السنوات الأخيرة، عزز المغرب حضوره داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي، حيث أصبح عضوًا في مجلس السلم والأمن الإفريقي، ونجح في كسب دعم متزايد لمواقفه بشأن الصحراء المغربية. كما أن العديد من الدول الإفريقية، التي تربطها شراكات اقتصادية متينة مع المغرب، باتت ترى فيه فاعلًا رئيسيًا في التنمية والاستقرار الإقليمي

فرغم التنافس الدبلوماسي الواضح بين المغرب والجزائر داخل الاتحاد الإفريقي، إلا أن الرباط تدرك أن نجاحها في القارة لا يتوقف على مثل هذه المناصب، بل على استمرار نهجها القائم على تعزيز العلاقات الثنائية والمشاريع التنموية الكبرى. فالمغرب لا ينظر إلى الاتحاد الإفريقي كساحة صراع فقط، بل كإطار لتعزيز التعاون جنوب-جنوب، وهو ما يجعله أكثر تركيزًا على تحقيق نتائج ملموسة بدلًا من الانشغال بالرمزية السياسية لبعض المناصب.

من هذا المنظور، لا يُولي المغرب أهمية كبيرة لفوز الجزائر بمنصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي، معتبرًا أن النفوذ الحقيقي لا يُقاس بالمناصب، بل بالقدرة على بناء شراكات قوية وتحقيق تأثير اقتصادي وسياسي ملموس داخل القارة.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.