ما تأثير رسوم “ترامب” الجمركية الجديدة على علاقة المغرب والدول العربية الاقتصادية مع بلد العم سام؟
محمد اسليم
تباينت آراء وتحليلات العديد من الخبراء الاقتصاديين بخصوص تأثير رفع الولايات المتحدة مؤخرا لرسومها الجمركية على المغرب وباقي الدول العربية، فهناك من اعتبر ان هذاً التأثير سيكون محدودا جدا فيما اعتبره اخرون سلبيا على اقتصاديات هاته الدول في حين اتجهت فئة ثالثة للتفاؤل معتبرة انه سيكون ايجابياً خصوصا وان التعريفة الجمركية المفروضة على الصادرات العربية ليست نفسها بل تتراوح بين 10 و41 في المئة، علما ان المغرب من الدول الأقل من ناحية الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، حيث بلغت نسبتها فقط 10 في المئة، علما أن صادراته للولايات المتحدة قاربت ملياري دولار عام 2024، ما مثل زيادة مهمة قدرها 12.3 في المائة عن العام الذي قبله.
وعن تأثيرات القرار على الاقتصاد المغرب أكد مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتحي أنه سيكون هناك تداعيات كبيرة على الاقتصاد المغربي خاصة بعد تداعيات قبول أن يكون العجز التجاري لصالح الولايات المتحدة منذ تفعيل اتفاقية التبادل التجاري مع بلاد العم سام، معتبرا ان فرض ضرائب جمركية بنسبة 10 في المئة على صادرات المغرب لأمريكا سيفاقم كلفة هذا العجز سلبيا على الاقتصاد المغربي.
ورغم ذلك اعتبر الخبير الاقتصادي ان المغرب له افضلية عن باقي الدول العربية باعتبار اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا، إلى جانب ان الزيادة في الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على المنتوجات المغربية يبقى مقبولا مقارنة بوضعية عدد من الدول العربية، مضيفا أنّ “استدامة السلوك الجمركي الأمريكي على البلدان العربية قد يدفع المستثمرين العرب والدوليين إلى نقل أنشطتهم الاقتصادية إلى التراب المغربي؛ لما توفره المملكة من دعم للشركات الأجنبية، في إطار سياسة تنتهجها لتسريع النمو الاقتصادي”.
خبير اقتصادي مغربي آخر، والحديث هنا عن عبد الخالق التهامي والذي لم يخف في تصريح صحفي على أن: “صادرات المغرب إذا تم تصديرها بشكل مباشر للسوق الأمريكية فستتأثر سلبا، لأن سعرها سيرتفع وبالتالي قد يبحث المواطن الأمريكي عن سلع بديلة سواء محلية أو من دول أخرى”، لكنه استدرك بالقول: “لكن في المقابل، قد يستفيد المغرب إذا كان يصدر سلعا تصدرها أيضا دول أخرى لكن عليها تعرفة جمركية أعلى، عندها قد يلجأ المستهلك الأمريكي للسلع المغربية وبالتالي سيستفيد الاقتصاد المغربي”.
وعن تأثير هذا القرار على عائدات المغرب من العملة الصعبة فقال: “الأمر يرتبط أساسا بحجم صادرات المملكة للولايات المتحدة، بمعنى أنه إذا لم تنخفض فلن ينخفض مستوى العملة الصعبة الواردة”، قبل ان يضيف “لكن قد يتأثر دخل المغرب من العملات الصعبة في حال تأثر اقتصاديات دول أخرى مثل فرنسا أو إسبانيا، وبالتالي فقدان العمال المغاربة في هذه الدول لعملهم، عندها سيتأثر سلبا نتيجة انخفاض التحويلات المهمة لهذه العمالة المغتربة إلى بلدها الأم”.
اما الخبير الاقتصادي التونسي، رضا الشكندالي، فشدد في تصريح صحفي كذلك على ان فرض الرسوم الجمركية المذكورة سيقلّص من تنافسية عدد من القطاعات الاقتصادية بتونس ويجعلها غير قادرة على التصدير للولايات المتحدة، وسيدفع بعض المستثمرين الأجانب في قطاعات كالنسيج للبحث عن فضاءات أكثر تنافسية، ولعل المغرب والذي فُرضت عليه نسبة رسوم أقل سيكون الملاذ لهؤلاء المستثمرين”.
للإشارة فواشنطن فرضت رسوماً جمركية بنسبة 10 في المئة على الواردات القادمة من عدة دول عربية، هي: المغرب، الإمارات، ومصر، والسعودية، وسلطنة عُمان، والبحرين، وقطر، ولبنان، والسودان، واليمن، والكويت، في حين تم فرض نسبة اعلى على دول أخرى، بلغت 20 في المئة على الأردن، و28 في المئة على تونس، و30 في المئة على الجزائر، و31 في المئة على ليبيا، و39 في المئة على العراق، في حين كانت سوريا الأكثر تأثراً برسوم جمركية بلغت 41 في المئة. واعتبر دونالد ترامب هذا القرار ردّا على رسوم جمركية تفرضها هذه الدول على الصادرات الأمريكية، وأنه ضمن خطة اقتصادية يسعى من خلالها لتحسين وضع الاقتصاد الأمريكي.