في خضم التجاذبات الإقليمية، والتآمرات المدفوعة بأموال الغاز والنفط، تستمر الجزائر في تبني خيار التصعيد ودعم الانفصال، متجاهلة كل مبادرات حسن النية التي قدمها المغرب طيلة عقود. في ظل هذا الواقع، لم يعد هناك مجال لليونة أو التساهل، بل حان وقت الحزم والوضوح: الحل الوحيد والنهائي لهذا النزاع المفتعل هو الحسم السيادي المغربي التام والنهائي على كل تراب الصحراء.
إن ما نشهده اليوم من تخبط في سياسات الجار الشرقي، وما يتعرض له شبابهم من شحن ممنهج وعداء مسموم تجاه المغرب، يجعل من أي حل وسط مجرد وهم. النظام الجزائري، الذي جعل من معاداة المغرب عقيدة رسمية، لا يبحث عن تسوية بل عن استمرار النزيف. من هنا، فإن الرهان على “نية حسنة” لم يعد ممكناً، ولا مقبولاً.
وإذا كان الزمن قد تغيّر، فالديناميكيات الدولية أيضاً تغيّرت. ومع صعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جديد إلى سدة الحكم، يبدو أن لحظة الحقيقة قد اقتربت. فكما تدخّل بقوة في ملفات معقدة، مثل أوكرانيا وكوريا الشمالية، بإمكانه اليوم أن يكون العامل الحاسم في وضع حد لهذا النزاع المفتعل. كيف؟ عبر استدعاء مباشر للرئيس الجزائري تبون، وتحذيره صراحة: إما وقف هذه المسرحية السياسية فوراً، أو مواجهة عزلة دولية وتبعات وخيمة.
لقد طال أمد هذا الملف أكثر مما يجب، واستنزف طاقات كان من الأولى أن توجّه نحو التنمية والتشييد والابتكار. آن الأوان لإغلاق هذا القوس المفتعل، وبدء صفحة جديدة من البناء الوطني، داخلياً وخارجياً، دون أوهام ولا تهاون.
ويبقى السؤال: هل فعلاً يريد المجتمع الدولي – وخاصة حلفاء المغرب – إنهاء هذا النزاع؟ أم أن بقاءه مفتوحًا يخدم مصالحهم الاستراتيجية والاقتصادية؟ وإن انتهى، فهل من الممكن بناء علاقات طبيعية مع نظام أثبت عداءه تاريخيًا؟ الجواب واضح: لا ثقة في من خاننا لسنوات، والحذر واجب، والتحصين الاستباقي لبلدنا ضرورة وطنية.
فالمغرب، ملكًا وشعبًا، لن يقبل أن يكون ملف الصحراء سلعة على طاولة الابتزازات الدولية. الصحراء مغربية، وستظل مغربية، وأي محاولة للمساس بها هي اعتداء على الأمة بأكملها.