الصحراء المغربية… بين وضوح المواقف العربية وازدواجية بعض الحلفاء.. هل آن أوان الوضوح؟
دواي طارق
رغم ما حققته المملكة المغربية من تقدم سياسي ودبلوماسي ملموس في ملف الصحراء المغربية، لا تزال مواقف بعض الدول العربية تثير التساؤلات بين الدعم العلني والمواقف الضبابية أو حتى المتناقضة في الخفاء، مما يدفع للتساؤل حول مدى اتساق هذه المواقف مع الروابط التاريخية والأخوية التي تجمعها بالمغرب.
منذ عقود، خاض المغرب معركة دبلوماسية لإثبات مغربية الصحراء، وحصد نتائج ملموسة في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد الاعتراف الأمريكي بسيادته على الإقليم، وفتح قنصليات عربية وأفريقية في العيون والداخلة، إلا أن بعض الدول العربية الصديقة تلتزم إما الحياد البارد أو تمارس مواقف مزدوجة، ما بين تصريحات عامة لا تخرج عن إطار “دعم وحدة المغرب” وممارسات إعلامية أو دبلوماسية تناقض ذلك.
من أبرز الأمثلة على هذا التناقض، الموقف القطري. فبينما ساهم المغرب بشكل فعّال في دعم قطر خلال أزمتها الخليجية سنة 2017، وظل طيلة تلك الفترة شريكًا استراتيجيًا ثابتًا، لم يصدر عن الدوحة موقف واضح وصريح يدعم مغربية الصحراء، كما فعلت دول خليجية أخرى مثل الإمارات والبحرين والسعودية.
الأدهى من ذلك، أن بعض المنابر الإعلامية القطرية، بما فيها مؤسسات ذات تأثير إقليمي، غالبًا ما تتيح مساحات لخطاب انفصالي، أو تغطيات تميل لمصلحة الرواية الجزائرية، رغم أن المغرب لا يخوض نزاعًا داخليًا، بل قضية سيادة وطنية تقرها جذوره التاريخية ومواثيق دولية.
فهل هو توازن دبلوماسي دقيق تسعى قطر للحفاظ عليه مع الجزائر؟ أم أنه انعكاس لتحالفات ظرفية أو حسابات إقليمية لا يتم التصريح بها علنًا؟ أم أن هناك، ببساطة، خبايا لا تُقال ولا تُكشف للرأي العام؟
ما يثير الجدل أكثر هو غياب الوضوح. فالمغرب، الذي لطالما تبنّى مواقف داعمة لأشقاءه العرب في مختلف القضايا، يستحق موقفًا شفافًا لا لبس فيه، خصوصًا من دول تعتبره شريكًا استراتيجيًا. فهل يُعقل أن يستمر الغموض باسم “الحياد” بينما تُخاض حملات إعلامية يومية على وحدته الترابية؟
ربما حان الوقت لإعادة طرح السؤال في وجه “الأصدقاء”: هل الصداقة تُقاس بالتصريحات العلنية فقط؟ أم بالفعل السياسي الواضح الذي ينسجم مع منطق الدعم المتبادل؟
قضية الصحراء المغربية لم تعد مجالًا للحياد المتردد أو اللعب على الحبال. فالمغرب اليوم في موقع قوة، ويملك من الحلفاء والداعمين الصرحاء ما يغنيه عن المواقف الرمادية. لكنه في الآن ذاته، لا ينسى من وقف إلى جانبه… ولا من تردد.