الصحافة الدولية: “ماكرون فضل المصالحة مع المغرب على التقارب مع راعي البوليساريو الرسمي”
محمد آسليم
ابدت الصحافة الدولية اهتماما كبيرا بزيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الجمهورية الفرنسية للمغرب، والتي تمتد الى غاية يوم غد الأربعاء، والتي ينتظر أن تعيد الدفء للعلاقات المغربية الفرنسية كما ينتظر أن يتم خلالها التوقيع على عدة اتفاقيات كبيرة في مجالات الدفاع والطاقة والصناعة.
ويرافق الرئيس الفرنسي وفد رسمي كبير يضم 122 فرداً، بمن فيهم السيدة الأولى، وتسعة وزراء ورئيسي غرفتي البرلمان الى جانب عدد كبير من الشخصيات السياسية والاقتصادية والاعلامية.
الزيارة تعرف اهتماما اعلاميا دوليا، وفي هذا السياق اعتبرت (سكاي نيوز عربية) أن فرنسا مهدت للزيارة من خلال إعلان دعم خطة الحكم الذاتي في الصحراء ومن المتوقع تتويج الزيارة بتوقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين باعتبار المغرب شريك فرنسا التجاري الأول بالقارة الأفريقية. ونقلت “سكاي نيوز” عن الأكاديمي والباحث السياسي لحسن أقرطيط، قوله إن “هذه الزيارة تكتب فصلا جديدا من العلاقات بين المغرب وفرنسا مدخلها سياسي ودبلوماسي وهو الاعتراف بمغربية الصحراء ودعم مبادرة الحكم الذاتي كما جاء في رسالة ماكرون لمحمد السادس في أغسطس من هذه السنة”.
وأوضح أقريطيط في حديثه لـ”غرفة الأخبار” على قناة “سكاي نيوز عربية” أن “الزيارة ستمكن من تلطيف المناخ السياسي الضروري للشراكة الاقتصادية بين البلدين بعد الأزمة الدبلوماسية الصامتة أو مرحلة الفتور في العلاقات التي سببتها بعض الأحداث وأضرت بالمصالح الفرنسية بشكل كبير”. ويرى أقرطيط كذلك أن هناك “إدراكا ووعيا سياسيين حصل لدى الطبقة والنخب السياسية وضغطا كبيرا من الأوساط الفرنسية على الرئاسة لتدارك الموقف والالتحاق بالدول التي اعترفت بمغربية الصحراء، خصوصا الاعتراف الأميركي والإسباني”.
أما موقع “الجزيرة.نت” فيؤكد أن الزيارة الحالية لإيمانويل ماكرون تأتي بعد توترات بين المغرب وفرنسا بدأت في سبتمبر 2022، حينما أعلنت فرنسا تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس بدعوى “رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين (غير نظاميين) من مواطنيها”. وأضافت الجزيرة أن الرباط باتت تأمل بأن ينعكس هذا الموقف الفرنسي الجديد من خلال استثمارات فرنسية واسعة في هذه المنطقة التي تزخر بموارد سمكية ضخمة وعلى صعيد الطاقة الشمسية والرياح والفوسفات فيما تأمل فرنسا في أن تبقى الطرف الرئيسي في توسيع خط القطارات السريعة بين طنجة وأغادير بعد تدشين الجزء الأول بحفاوة من جانب محمد السادس وإيمانويل ماكرون في 2018.
اما الـ”بي بي سي” البريطانية فأوضحت ان الزيارة تأتي في خطوة تهدف إلى تعزيز التقارب بين البلدين، وعلى وقع اعتراف فرنسا بمبادرة الحكم الذاتي للصحراء، مضيفة أن الزيارة تبدو في ظاهرها بروتوكولية، إلا أنها تكتسب أهمية مضاعفة باعتبارها أول زيارة يقوم بها ماكرون إلى المغرب منذ 2018، فضلاً عن أنها تأتي بعد نحو ثلاث سنوات من التوتر والفتور الدبلوماسي بين باريس والرباط. البي بي سي ذكرت بأن آخر زيارة دولة لرئيس فرنسي إلى المغرب تعود إلى 2013 بعهد فرنسوا هولاند. أما إيمانويل ماكرون، فقد زار المغرب أول مرة في 2017 في زيارة عمل ببداية ولايته، ثم عاد إليه في العام التالي لتدشين خط قطار فائق السرعة، لكن الزيارات توقفت بعدها.
موقع هيئة الاذاعة البريطانية BBC يؤكد ايضا انه بزيارة ماكرون الحالية للمغرب واعترافه بسيادة الرباط على الصحراء تُطوى صفحة الخلافات بين الرباط وباريس لتثير في المقابل تساؤلات حول تداعياتها على العلاقات الفرنسية الجزائرية، التي لطالما كانت معقدة وصعبة. وفي هذا السياق، نقلت البي بي سي عن حسني عبيد الباحث الجزائري وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف قوله “أن ارتدادات الزيارة بدأت تظهر قبل انطلاقها، من خلال سحب الجزائر لسفيرها وتراجع حجم التجارة بين البلدين، بالإضافة إلى توقف ملف الذاكرة . وملف الذاكرة – حسب عبيد – هو ملف يشمل قضايا عالقة من حقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر، مثل الاعتراف بالانتهاكات، واستعادة الأرشيف، ويؤثر على العلاقات بين البلدين. مضيفا أن زيارة ماكرون للمغرب تأتي كذلك في وقت تأجلت فيه زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى فرنسا عدة مرات.
أما صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية فكتبت في عدد الإثنين الماضي أنه “بعد سنوات من الأزمة بين باريس والرباط، أدى الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء إلى تهدئة التوترات. ويُستقبل الرئيس الفرنسي الآن بأذرع مفتوحة من قبل محمد السادس، في زيارة دولة تستمر ثلاثة أيام تبدأ الإثنين”،
وأضافت قائلة “ولم يكن من المفاجئ أن التغيير الفرنسي قد أغضب الجزائر بشكل آلي، وهي الراعي التاريخي لجبهة البوليساريو. ولذلك، سحبت الجزائر فوراً سفيرها في باريس. المنصب شاغر منذ ثلاثة أشهر. في نهاية المطاف، فضل إيمانويل ماكرون المصالحة مع المغرب على التقارب الشاق الذي بدأ مع الجزائر، والذي لم يُكافأ أبداً بأي تقدم دبلوماسي أو اقتصادي. ومع أن ملف الصحراء يعد ملفًا حساسًا بالنسبة للجزائر، إلا أنه يعتبر وجوديًا بالنسبة للرباط، ويعتبره جميع المغاربة “قضيتهم الوطنية الأولى” توكد اليومية الفرنسية.