تشهد العلاقات المغربية الفرنسية تطورًا ملحوظًا في عدة مجالات، خاصة في الجانب العسكري، حيث تتوالى المناورات المشتركة بين البلدين، ما يعكس متانة التعاون الدفاعي بينهما. ولكن اللافت للانتباه هو رد الفعل الجزائري المبالغ فيه إزاء هذه المناورات، واصفة إياها بـ”التهديد” و”الاستفزاز”، رغم أن الجزائر نفسها تشارك بانتظام في تدريبات عسكرية مع روسيا، بل وحتى مع جبهة البوليساريو الانفصالية.
لا تخفي الجزائر قلقها من أي تحرك مغربي، بغض النظر عن طبيعته، فتجدها تُصدر بيانات منددة بالمناورات المغربية الفرنسية، متجاهلة أن التعاون العسكري بين الدول أمر طبيعي وحق سيادي لا يقبل التشكيك. المفارقة أن الجزائر لم تبدِ نفس الموقف عندما شاركت بنفسها في مناورات مع روسيا، مثل تلك التي جرت في البحر الأبيض المتوسط والصحراء الجزائرية، حيث أجرت تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات الروسية، كما دعمت مناورات عسكرية استعراضية نظمتها جبهة البوليساريو في تندوف.
السبب الرئيسي وراء هذه الحساسية الجزائرية المفرطة تجاه المناورات المغربية يكمن في التقدم الكبير الذي حققه المغرب عسكريًا ودبلوماسيًا، حيث أصبح قوة إقليمية تعتمد على شراكات استراتيجية مع دول كبرى مثل فرنسا، الولايات المتحدة وإسرائيل. هذه الشراكات تزعج الجزائر التي تخشى فقدان نفوذها في المنطقة، خصوصًا في ظل النجاحات المغربية المتتالية على المستوى الدبلوماسي، خاصة ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
والمثير للاهتمام أن المغرب لم يصدر أي بيان رسمي يعترض فيه على التدريبات العسكرية الجزائرية مع روسيا أو البوليساريو، رغم أن هذه التحركات تستهدفه بشكل مباشر، لكن الجزائر تبقى في حالة استنفار دائم تجاه أي نشاط مغربي حتى وإن كان في إطار علاقات ثنائية واضحة المعالم.
يبقى الموقف الجزائري محيرًا، إذ يمارس سياسة الكيل بمكيالين، فيرفض للمغرب ما يبيحه لنفسه. وهذا يؤكد أن تخوف الجزائر من المغرب ليس مجرد ردة فعل على مناورات عسكرية، بل هو خوف متأصل من تنامي نفوذ المغرب وتعزيز شراكاته الاستراتيجية، مما يزيد من عزلة النظام الجزائري الذي يحاول يائسًا البحث عن ذرائع واهية لتبرير فشله في موازنة علاقاته الدولية.