ثقافة شعبية عريقة وأساطير قديمة اليمنيون يستعيدون ماضيهم فى الفيسبوك
أطلق باحثان يمنيان مجموعة افتراضية على فيسبوك تعنى بتوثيق “المعتقدات والتقاليد اليمنية القديمة”، وذلك ضمن مبادرة لإحياء الثقافة الشعبية واستذكار العادات والتقاليد التي توارثها اليمنيون.
مع نهاية مايو/أيار الماضي أطلق باحثان يمنيان مجموعة افتراضية على فيسبوك تعنى بتوثيق “المعتقدات والتقاليد اليمنية القديمة”، وذلك ضمن مبادرة لإحياء الثقافة الشعبية واستذكار العادات والتقاليد التي توارثها اليمنيون من زمن لآخر، لكن مبادرة الباحثين محمد عطبوش وأحمد الطرس العرامي فتحت الباب واسعا لإعادة النبش في خزانة ممتلئة بالمثير والغامض والأسطوري، كاشفة وجها لطالما ظل متواريا، خصوصا ما فيه من خرافات وطقوس غريبة قديمة.
وفي غضون ثلاثة أيام من إنشاء المجموعة الافتراضية بلغ عدد المشتركين 7 آلاف عضو، وأمست الصفحة حديث الصحافة والإعلام في اليمن، ليرتفع عدد الأعضاء في الأيام العشرة الأولى إلى 23 ألف عضو.
وتستقبل إدارة المجموعة قرابة 2500 قصة في اليوم، وعليها أن تقوم بفرز كل ما يتدفق إلى نظام الصفحة، وأن تقرر نشر هذا المنشور أو ذاك، وعلق أحدهم بقوله “ترك اليمنيون أحزانهم إثر نزيف الضحايا في الحرب وبسبب وباء كورونا وبدؤوا النبش في خزانة ثقافتهم الشعبية ومعتقداتهم المحتشدة بالخرافة والأسطورة والغموض”.
ويقول مؤسس المبادرة محمد عطبوش -وهو باحث في الفكر الديني والنقوش اليمنية- للجزيرة نت “خطرت ببالي فكرة إنشاء المجموعة بشكل عفوي بتاريخ 27 مايو/أيار 2020، لتكون نافذة صغيرة لنقاش المواضيع الفلكلورية ومحاولة الحصول على إجابات عاجلة للاستفسارات، ولم أتخيل حتى اللحظة أنها ستلاقي هذا الإقبال الكبير، وستكون حديث وسائل التواصل والإعلام اليمني خلال ثلاثة أيام فقط من تأسيسها”.
وأشار الباحث إلى أنه قبل تأسيس المجموعة كان أعضاء فريقه بصدد تأسيس مبادرة لتوثيق الموروث اليمني ميدانيا بشكل واسع، فبدؤوا دراسة الموضوع والتخطيط له والبحث عن داعمين، وبالفعل لاحت بشائر طيبة باهتمام جهات دولية وحكومية “لكن للأسف فوجئنا بجائحة كورونا التي أجلت كل المساعي وأشغلت الجميع، وهنا ظهرت فكرة إطلاق مجموعة على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك”.
وأوضح عطبوش أن أكثر من 7 آلاف عضو انضموا للمجموعة خلال الأيام الثلاثة الأولى، كما أنه تلقى آلاف المشاركات النوعية والمهمة التي أدت لنجاح الفكرة واجتذاب المهتمين والباحثين والمثقفين منذ البداية، ولأن هذا الضغط الهائل أشعر إدارة المجموعة بحجم المسؤولية “فقد حاولنا أن نترك كل مشاغلنا وتفرغنا لإدارة الملتقى على مدار الساعة، وقمنا بالاستعانة بعدد من الأصدقاء لمراقبة المحتوى بعد أن شرحنا لهم بدقة ما هي نوعية المشاركات المطلوبة”.ويتابع الباحث اليمني “نفرز 2500 مشاركة في اليوم الواحد، نحذف ما يخرج عما طلبناه أو يتكرر أكثر من 10 مرات ونترك الباقي لتعليقات الأعضاء التي تصل للمئات، كان الحذف مزعجا لبعض المشاركين بالطبع ولكنها سياسة المجموعة لنحافظ على ميزتها ونقطة قوتها، ويبدو أننا نجحنا في ذلك”.
والملاحظ أن بعض هذه التقاليد لها أصول في النقوش اليمنية القديمة أو في أخبار الجاهلية عند الإخباريين المسلمين بحسب عطبوش، ومنها ما يمكن مقارنته بمعتقدات الشعوب الساميّة القديمة، ومنها ما هو أكثر حداثة ويعود للحقب التاريخية المختلفة التي تعاقبت على هذه الأرض، كمراحل الأديان الإبراهيمية السابقة على الإسلام (اليهودية والمسيحية)، ومنها ما هو بتأثير عقائد إسلامية وفرق كلامية، ومنها ما ظهر نتيجة النزاعات المذهبية والطائفية والسياسية قديما وحديثا، وهكذا دواليك.