ماستر العقار والتعمير ينظم ندوة وطنية حول”مدونة الأسرة ومتطلبات التعديل“

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

الجزء الثاني : الأستاذ ☆عبد المنعم شوقي ☆

بعدما حاولنا تقديم ملخص للجلسة العلمية الأولى، والتي تمت إقامتها ضمن أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف مختبر البحث في قانون العقار والتعمير ومتطلبات الحكامة الترابية وماستر العقار والتعمير بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور في موضوع: ”مدونة الأسرة ومتطلبات التعديل“، يسعدنا أن نعود لتحرير ملخص آخر يهم مجريات الجلسة العلمية الثانية مع وجوب الإشارة إلى أن مجهودنا هذا يبقى ذاتيا ومتواضعا محاولين عبره الإسهام في الإشادة والتنويه بمثل هاته المبادرات الجادة والهامة.

الجلسة الثانية ترأسها بكل استحقاق الدكتور نجيم أهتوت أستاذ باحث بكلية الناظور، والذي رحب بالجميع معبرا عن شرفه بتسيير هذا اللقاء العلمي الكبير، ومشيدا بكفاءة المتدخلين وغزارة مكتسباتهم العملية والمعرفية دون أن ينسى التنويه بكافة الحضور المتميز كما وكيفا.

المداخلة الاولى إذن كانت من نصيب أستاذ الأجيال والأب الروحي للطلبة فضيلة الدكتور سيدي أحمد خرطة منسق ماستر العقار والتعمير ورئيس شعبة القانون الخاص بالكلية، وذلك في موضوع: “المسوغات الشرعية والقانونية لتعديل بعض مواد الإرث”. فضيلته أشار في البداية إلى أن الندوة ناجحة بكل تأكيد بالنظر إلى استضافتها لفقهاء وعلماء صالوا وجالوا وساهموا وقدموا الكثير في مجالات تخصصهم. وبحكم أنه أستاذ يدرس مادة المواريث، فإن فضيلة الدكتور دعا إلى تعديل بعض مواد الإرث فقط دون غيرها باعتبار أن تعديل المدونة يخضع لمرتكزات وأسس إسلامية لا يجب المحيد عنها. وبعد أن أشار إلى أن القرآن والسنة هما أسمى من أنصف المرأة وصان كرامتها، قدم الدكتور أحمد خرطة مجموعة من الحالات والحسابات المتعلقة بالإرث، والتي تبين مدى استفادة المرأة من مقتضياتها، ليعرج إثرها على مناقشة عدد من مواد المدونة مثل المادة 332 حول التوارث بين المسلم وغير المسلم، والمادة 366 التي دعا من خلالها إلى وجوب تعديل ما يرتبط بمسألة الغراوين، وكذا المادة 370 المتعلقة بالوصية الواجبة للأحفاد مع تفسيره للتغيير الذي عرفته بين فترتها الأولى (من 1957 إلى 2004) وبين فترتها الثانية (من 2004 إلى الآن).

بعد ذلك تناول الدكتور سيدي احمد خرطة مسألة التعصيب مبرزا أنها تحيل على اتجاهات ثلاث: أولاها الإلغاء الذي يبقى غير ممكن بطبيعة الحال لأن أحكامها مستمدة من الشريعة الإسلامية، وثانيها هو الإبقاء عليها وعلى حالها، وثالثها التعديل الذي يراه فضيلته أقرب اتجاه إلى الصواب. وهنا نود التنويه بحكمة وذكاء وعلم فضيلة الدكتور أحمد خرطة الذي دائما نجده يقدم إسهاماته الجليلة سواء عبر محاضراته للطلبة أو عبر مؤلفاته العديدة أو كذلك عبر مداخلاته وكلماته في مختلف المحافل والملتقيات.

المداخلة الثانية تناولها الدكتور الفاضل أحمد أحيدار أستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، والذي تحدث في شأن: “تنظيم الروابط المالية بين الزوجين: رؤية شمولية ومقاربة منطقية للتعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة”.

وقد أشار في بدايتها إلى أن التعديل يهم إصلاح ما اعوج من المدونة بمعنى الحفاظ على المرتكزات والمرجعيات، والاقتصار فقط على الجزئيات والاجتهادات. كما أكد الدكتور أيضا في كلمته على أن استقلالية الذمة المالية للزوجين لا يمكن المساس بها خصوصا وأن الزوج هو الملزم دائما بأداء الصداق والنفقة والمتعة، بينما أشار إلى أن الأمور المعنوية تبقى متروكا لكليهما معا. وفي هذا الصدد، أثار الدكتور أحيدار إلى أن المادة 49 من المدونة قد خولت للزوجين إمكانية عقد اتفاق حول طرق تدبير الأموال والممتلكات المتحصل عليها بعد الزواج منددا في الوقت ذاته بما ورد في توصيات لجنة وضعية المرأة من دعوة إلى تقاسم الأموال والممتلكات بين الزوجين عقب الطلاق حيث نبه إلى أن ذلك يخالف الشريعة الإسلامية مثلما يخالف أيضا خصوصيات المجتمع المغربي.

وفي ختام كلمته، أشار المتحدث إلى أن القضية ليست صراعا بين الرجل والمرأة بقدر ما هي سبيل لبناء الأسرة والمجتمع مشددا على أن الواجب لحماية الأنثى هو محاولة تغيير عقلية الرجل المغربي وليس تغيير النصوص القانونية.

المداخلة الموالية قدمها الدكتور المصطفى طايل أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة في موضوع: “إعادة النظر في مدونة الأسرة في ضوء التوجهات الملكية السامية”، والتي استهلها بوجود تيارين اثنين يتداخلان ويتدافعان في موضوع المدونة مشيرا إلى أن بلادنا قد وقعت بالفعل على عدد من الاتفاقيات الدولية، ولكنها أيضا سجلت عديد ملاحظاتها وتحفظاتها. وأضاف بأن دعوة بعض الفعاليات المدنية والحزبية إلى إعادة النظر في المدونة بأكملها يعتبر أمرا غير مقبول لأنه مساس بالأحكام الإسلامية القطعية، في حين أجاز الاجتهاد لإحداث تعديل جزئي لبعض المواد التي تحتاج للتصحيح تبعا للرسالة الملكية السامية في هذا الموضوع.

وقد أثار الدكتور طايل في ختام مداخلته خلاصات عديدة من بينها إعادة النظر في شروط زواج القاصرات وذوي الإعاقة، وإعادة النظر في الحضانة والنيابة الشرعية، وكذا تفعيل مختلف الآليات الودية لفض النزاعات الأسرية.
بعد ذلك تناول الكلمة الدكتور فكري العلالي أستاذ زائر بالكلية حيث ناقش موضوع: “ثبوت الزوجية بين الإبقاء والإلغاء”. ولأجل ذلك، عرج على المادة 16 ليشير إلى مرونة المشرع في مسألة عقد الزواج مقدما مثال السماح لأفراد الجالية المغربية بإبرامه لدى ضباط الحالة المدنية ولدى القنصليات.
ومن أجل تصحيح وتجويد هذه المسألة، طالب المتدخل بتكثيف برامج تساعد على حل مشاكل الزيجات الغير موثقة مثل برنامج الدعم الاجتماعي، وكذا بإيجاد طريقة لإبرام عقود الزواج في حال بعد المسافة عن العدول.

آخر مداخلة في هذه الجلسة العلمية قدمها الدكتور عبد الحق بوكبيش أستاذ باحث بكلية الناظور في موضوع: “بعض الجوانب من الإصلاح المأمول لأحكام الحضانة”، حيث تحدث من خلالها عن الحضانة بعد طلاق الشقاق وعن العلاقة الواجبة إثرها بين الأب وأبنائه. وهنا ناقش الدكتور زيارة الآباء بوجه عام وخص بالذكر وضعية الأب المتواجد خارج أرض الوطن ووضعية الأب المسجون.. كما تطرق أيضا في معرض حديثه عن الإطار العملي عقب إسقاط الحضانة إلى رؤيته بضرورة التأسيس لتنظيم زيارات خاصة.

وفي النهاية، دعا الدكتور بوكبيش كافة الطلبة والشباب إلى الإقبال على الزواج دون خوف أو وجل من تبعات هذا النقاش الوطني، كما دعاهم أيضا إلى تأسيس جمعيات ومنظمات تعبر عن أفكارهم وتدافع عن وجهات نظرهم.
هكذا إذن انتهت أشغال الجلسة العلمية الثانية بعدما حملت مداخلاتها كثير الإفادات والاقتراحات والتوجيهات لتكون هذه الندوة قد كشفت بالفعل عن مدى رقيها وسموها وثقلها العلمي الذي سيعود يقينا بكل خير على تعديل مدونة الأسرة المغربية.

سنعود بحول الله في الجزء الثالث والأخير لتقديم ملخص آخر حول أهم ما ورد في مداخلات نقاش الندوة.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.