الساعة الإضافية في المغرب… جدل لا ينتهي بين القيل والقال وقرار ينتظر المراجعة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

منذ أن قررت الحكومة المغربية سنة 2018 تثبيت العمل بالتوقيت الصيفي (غرينيتش +1) طيلة السنة، ما عدا خلال شهر رمضان، لم ينقطع الجدل حول هذا القرار، الذي يرى فيه كثير من المغاربة خيارًا غير شعبي، تم اتخاذه دون نقاش عمومي كافٍ أو دراسة معلنة وموثوقة تبرر الإبقاء عليه.

التحول المفاجئ في 2018، الذي جاء بعد بلاغ رسمي أولي كان يُبشّر بالعودة إلى التوقيت القانوني، خلّف استياءً واسعا، خصوصًا أنه تم الإعلان عن القرار الجديد قبل يومين فقط من دخوله حيز التنفيذ. لم تكن تلك الصدمة مجرد مسألة تنظيمية، بل فتحت الباب لتساؤلات عميقة حول طريقة اتخاذ القرار، ومدى إنصاته للمواطن، ومدى واقعية مبرراته المتعلقة بالنجاعة الطاقية والتنسيق مع الشركاء الأوروبيين.

واليوم، وبعد مضي سنوات على اعتماد الساعة الإضافية بشكل دائم، ما زال الصوت الشعبي يعلو مطالبًا بإلغاء هذا التوقيت. المواطنون، من موظفين وتلاميذ وآباء، يشتكون من آثار التوقيت الحالي، خصوصًا في فصل الشتاء حيث يُرغم الأطفال، لا سيما في القرى والمناطق النائية، على مغادرة منازلهم نحو المدارس وسط الظلام، معرضين لمخاطر الطريق وللصدمات النفسية والجسدية المرتبطة باضطراب الساعة البيولوجية.

الجانب الصحي كان أيضًا محل تحذير من مختصين، من أبرزهم وزير الصحة السابق الحسين الوردي، الذي أشار إلى الانعكاسات السلبية لهذا التوقيت على الصحة النفسية والجسدية، خاصة في صفوف الأطفال والمسنين.

أما في ما يتعلق بالمبررات الحكومية حول الاقتصاد في الطاقة وتحسين التبادلات التجارية، فإنها لم تُدعّم إلى اليوم بدراسات منشورة وشفافة. بل على العكس، أظهرت مؤشرات عدة أن الاستهلاك الطاقي لم يعرف انخفاضًا ملحوظًا، كما لم تُسجل نتائج اقتصادية واضحة تعزز مبررات الإبقاء على الساعة الإضافية.

في ظل هذا الغموض، تبرز الحاجة الملحة إلى التقييم الحقيقي والعلمي لهذا الخيار، والاستماع إلى نبض الشارع، لا سيما مع ارتفاع الأصوات التي تدعو إلى العودة للتوقيت القانوني بشكل نهائي، أو على الأقل فتح نقاش وطني حول المسألة. وقد بلغ الأمر بالبعض إلى إطلاق حملات إلكترونية وهاشتاغات تطالب بتدخل ملكي لإنهاء ما يعتبرونه “معاناة مزمنة” ترتبط كل صباح بأجسادهم وأعصابهم.

إن الساعة الإضافية تحولت من إجراء تنظيمي إلى قضية مجتمعية حقيقية، تعكس شرخًا بين متخذ القرار والمواطن، وتطرح سؤالًا جوهريًا: هل الزمن الإداري أهم من الزمن الإنساني؟ وإذا كان الجواب لا، فإن إعادة النظر في هذا القرار لم تعد رفاهية سياسية، بل ضرورة إنسانية وصحية، لا تقبل المزيد من التأجيل.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.