الصحة أم الأقتصاد ؟ المعادلة الأكثر تعقيدا في عصر كورونا
ضربت جائحة كورونا، منذ ظهور الفيروس في مدينة ووهان أواخر ديسمبر/كانون الأول 2019، الاقتصاد العالمي في الصميم، ومع انتقال بؤرة الفيروس إلى أوروبا قبل أن تستقر بالولايات المتحدة. وأمام غياب أي لقاح فعال أو دواء لأعراض الإصابة به، لم تجد غالبية البلدان من حل إلا فرض الحجر الصحي الشامل على مواطنيها وما نتج عنه من توقف شبه كلي للاقتصاد مما طرح لأول مرة معادلة معقدة على صانعي القرار: الصحة مقابل الاقتصاد.
كانت اتجاهات الاقتصاد العالمي قبل جائحة كورونا تشير إلى توقع معدل نمو لسنة 2020 بـ 2.9% مع نسب نمو مريحة في بعض البلدان كالصين (6.1%) ومتوسطة في غالبية البلدان الصناعية وذلك قبل أن يتم تحيين هذه النسب بإدخال أثر التغيرات الناتجة عن جائحة كورونا.
فقد أظهر تقرير لصندوق النقد عن آفاق نمو الاقتصاد العالمي نُشر منتصف أبريل/نيسان 2020 توقع الانكماش بـ -3% سنة 2020 قبل العودة للتعافي عام 2021 بتحقيق نمو متوقع بـ 5.8% وذلك بافتراض السيطرة على الفيروس في النصف الثاني من هذا العام. ولكن ماذا لو ظل الفيروس خارج السيطرة؟
مدى صمود الاقتصاد
كشفت أزمة كورونا عن اختلالات بنيوية في منظومة الاقتصاد العالمي وعن هشاشة كامنة للعولمة التي بشر بها دعاة صدام الحضارات وقبلهم دعاة نهاية التاريخ، حيث إن التعامل مع الأزمة الراهنة ألقى بمسلمات اقتصادية في مهب الريح حين حصلت الصدمة على مستوى العرض، وأصبح أي جهد لتحفيز الطلب الفعال هو جهد محدود الأثر بحكم محدودية العرض الناتجة عن الإغلاق الكبير للاقتصاد، وهذا ما يفسر استعجال ترامب وغيره من قادة الدول الغربية بلورة خطة لفتح النشاط الاقتصادي ولو جزئيا.