البروباغندا.. حين تتحول العقول إلى ساحة معركة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

في كل زمن، كانت البروباغندا السلاح الأكثر تأثيرًا والأقل وضوحًا. فهي لا تحتاج إلى جيوش جرارة ولا إلى صواريخ عابرة للقارات، بل إلى جملة قصيرة مكررة، صورة محسوبة، أو خطاب مشحون بالعاطفة. هكذا تُصنع القناعات، وهكذا يُقاد الناس إلى تبني أفكار ومواقف يظنون أنها اختياراتهم، بينما هي في الحقيقة اختيارات صُنعت لهم بعناية.

الخطر الحقيقي في البروباغندا أنها لا تهاجمنا بشكل مباشر، بل تتسلل إلى لاوعينا، عبر التكرار المستمر في الإعلام، في الإعلانات، وحتى في مناهج التعليم. فجأة نجد أنفسنا ندافع عن فكرة ما وكأنها جزء من هويتنا، دون أن نتساءل أصلها أو خلفيتها.

لقد رأينا كيف استُعملت البروباغندا في الحروب لتشيطن “العدو”، وتجعل قتاله واجبًا مقدسًا. ورأيناها في السياسة تصنع زعماء على هيئة أبطال أسطوريين، وتُخفي فشلهم تحت ستار الخطابات العاطفية. ورأيناها أيضًا في عالم الاستهلاك، حين يُقنعنا إعلان ما أن سعادتنا مرتبطة بامتلاك منتج معين.

لكن السؤال الأهم أين موقعنا نحن في كل هذا؟
هل نحن مجرد متلقين سلبيين نسمح للرسائل أن تستقر في عقولنا؟ أم أننا قادرون على التوقف قليلًا لنسأل: من يقف وراء هذه الفكرة؟ ولماذا يريدني أن أصدقها؟

الحقيقة أن مقاومة البروباغندا لا تكون بالصوت المرتفع، بل بالعقل المتسائل. فالتفكير النقدي هو خط الدفاع الوحيد أمام هذا الغزو الناعم للعقول،حين نشكك، حين نبحث عن الصورة الكاملة، وحين نرفض أن نُقاد كالقطيع، نكون قد كسرنا الحلقة التي تراهن عليها البروباغندا.

إن أخطر ما قد نفعله هو أن نظل نائمين أمام ماكينة تصنع لنا وعيًا ليس وعيَنا.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.