مطلب “جيل زد” بإقالة الحكومة يُشعل نقاشاً دستورياً في المغرب

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أعاد مطلب شباب حركة “جيل زد” (GenZ212) الداعي إلى إقالة الحكومة المغربية النقاش حول التوازن الدستوري بين سلطة الشارع وصلاحيات الملك، في ظل الجدل الذي رافق مسودة المطالب السياسية للحركة التي طالبت الملك بـ“إعفاء الحكومة الحالية” استناداً إلى الفصل 47 من دستور 2011.

ورغم أن الفصل المذكور ينص على أن الملك “يعين رئيس الحكومة ويعفي أعضاءها”، فإن خبراء في الشأن الدستوري أكدوا أن هذا لا يعني إمكانية إقالة رئيس الحكومة بشكل مباشر، إذ إن الدستور المغربي وضع قيوداً دقيقة على هذه الصلاحية، لضمان استقرار المؤسسات وحماية الإرادة الشعبية التي تُفرزها الانتخابات.

مصادر قانونية مطلعة أوضحت أن “الملك لا يمكنه إعفاء رئيس الحكومة إلا في حال تقديم هذا الأخير لاستقالته”، مشيرة إلى أن “حصانة المنصب جزء من التوازن الذي أتى به دستور 2011 بعد الحراك الشعبي الذي طالب بفصل واضح بين السلطات وتقوية سلطة المؤسسات المنتخبة”.

وأضافت المصادر أن “إقالة رئيس الحكومة مع كل موجة احتجاج ستكون سابقة خطيرة، لأنها ستقود إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي المزمن، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى ترسيخ مبدأ الاستمرارية الحكومية”.

وبينما اعتبرت بعض الأصوات الشبابية أن الملك يمتلك صلاحيات واسعة كضامن لاستقرار الدولة، شدّد القانونيون على أن استعمال هذه الصلاحيات يجب أن يتم “في إطار روح الدستور لا خارجه”، مؤكدين أن “الملك بالفعل يتحرك ضمن سلطات دستورية واضحة تتيح له التدخل في حالات خاصة، لكنها لا تشمل الإقالة المباشرة لرئيس الحكومة دون طلب منه أو دون إجراءات برلمانية”.

من جهة أخرى، أوضحت المصادر أن إمكانية رحيل الحكومة تظل قائمة عبر ثلاث آليات دستورية محددة:

_تقديم رئيس الحكومة لاستقالته، وهو ما يترتب عليه إعفاء الحكومة بكاملها.
_ سحب الثقة البرلمانية من الحكومة عبر تصويت الأغلبية.
_ حل البرلمان بقرار من الملك بعد استشارة رئيسي مجلسي البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية، مما يؤدي تلقائياً إلى سقوط الحكومة وتحولها إلى حكومة لتصريف الأعمال إلى حين تنظيم انتخابات جديدة.

ورأت مصادر دستورية أن ما يميز احتجاجات “جيل زد” هو تركيزها على الحكومة دون الإشارة إلى الجماعات الترابية التي تتحمل بدورها جزءاً كبيراً من المسؤولية في الخدمات العمومية والسياسات المحلية، معتبرة أن “توزيع المسؤولية بين المركز والجهات جزء من النضج السياسي المطلوب في مثل هذه النقاشات”.

وأكدت المصادر أن “من حق الشباب المطالبة بالتغيير والتعبير عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”، لكنها دعت إلى أن يتم ذلك عبر “قنوات مؤسساتية ومنظمة” لتتحول المطالب إلى قوة اقتراحية مؤثرة داخل المشهد السياسي، لا مجرد موجة احتجاجية عابرة.

وختمت المصادر القانونية بالتأكيد على أن “صلاحيات الملك تظل مؤطرة بالدستور، فهو يتحرك كسلطة عليا ضامنة لاستقرار البلاد واستمرارية المؤسسات، ولا يتدخل إلا في إطار ما يحدده الدستور بدقة”، مشيرة إلى أن “الرهان الحقيقي اليوم هو تحسين أداء الحكومة ومأسسة الحوار مع الشباب بدل الانجرار إلى تأويلات دستورية خاطئة قد تفتح الباب أمام أزمات سياسية غير محسوبة”.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.